قافلة الصمود… مبادرة تفتقر للمصداقية وتسيء للقضية الفلسطينية

عاشور عبدالحليم17 يونيو 2025آخر تحديث :
قافلة الصمود… مبادرة تفتقر للمصداقية وتسيء للقضية الفلسطينية

قافلة الصمود… مبادرة تفتقر للمصداقية وتسيء للقضية الفلسطينية

كتب /خالد البيومى

في الوقت الذي تتطلب فيه القضية الفلسطينية دعما فعليا ومسؤولا، برزت مبادرة “قافلة الصمود” المنطلقة من تونس باتجاه غزة، والتي أثارت الكثير من الجدل حول أهدافها الحقيقية وجدواها العملية، وعلى الرغم من الشعارات المرفوعة باسم التضامن، إلا أن المعطيات تشير إلى أن هذه القافلة أقرب إلى الاستعراض الإعلامي منها إلى الإغاثة الإنسانية الجادة.

المتابع لحيثيات المبادرة يلحظ غياب أي مضمون عملي حقيقي، حيث لم تُحمل القافلة بمساعدات ذات أثر ملموس على الأرض، ولم تُطرح رؤية واضحة لكيفية إسهامها في تخفيف معاناة الفلسطينيين المحاصرين في غزة، ما بدا جليا هو الحرص على التوثيق الإعلامي، والتقاط الصور، وافتعال بطولات استعراضية لا تغير شيئا في الواقع المعقد داخل القطاع.

ما يثير القلق أكثر هو استغلال هذه المبادرة لتوجيه رسائل سياسية خارج سياق القضية الفلسطينية، إذ رُفعت فيها شعارات ورموز لكيانات تفتقر للشرعية وتنتهك السيادة الوطنية لبلدان عربية، وعلى رأسها المغرب، هذا السلوك يُخرج القافلة من إطار العمل التضامني، ويضعها في خانة التوظيف السياسي الرخيص الذي يُسيء لا يُفيد.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى محاولات ممارسة ضغط غير مشروع على السلطات المصرية عبر بوابة معبر رفح، وهو ما يُعد تصرفا غير مسؤول، يتجاهل الدور المركزي الذي تلعبه القاهرة تاريخيا في دعم الشعب الفلسطيني واحتضان قضاياه، بدلا من تثمين هذه الجهود، تأتي القافلة لتُحرج مصر وتضعها في موقف سياسي غير مبرر.

الوضع الراهن في غزة لا يحتاج إلى تحركات ارتجالية أو مبادرات استعراضية، بل إلى جهود دبلوماسية منسقة تقوم على العمل القانوني والضغط الدولي المدروس، أما القوافل ذات الطابع الشعبوي، فإنها لا تقدم حلولًا بل تعمّق من حالة التوتر وتُربك المشهد الإقليمي برمّته.

والأخطر من ذلك أن مثل هذه المبادرات تُكرّس منطق الفوضى والتجاوز، وتغذي ثقافة المزايدة بدلًا من إعلاء منطق الحكمة والتنسيق، إن تحويل قضية فلسطين إلى منصة للمناكفات السياسية يضر بالقضية أكثر مما ينفعها، ويُضعف الثقة في التحركات الشعبية حين تتحول إلى أدوات تخدم أجندات ضيقة.

إن نصرة فلسطين لا يجب أن تكون ذريعة لتقويض استقرار الدول أو التشكيك في سيادتها، الدعم الحقيقي يكون عبر السبل الدبلوماسية، والتضامن الواعي، والعمل المؤسساتي الجاد. أما المبادرات التي تستفز الشعوب أكثر مما تُحرك ضمائرها، فهي عبء على القضية لا رافعة لها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة